اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
كتاب الروض المربع الجزء الأول
105180 مشاهدة
استحباب تعجيل القضاء متتابعا

قال الشارح -رحمه الله تعالى- ويستحب القضاء أي قضاء رمضان فورا متتابعا ؛ لأن القضاء يحكي الأداء، وسواء أفطر بسبب محرم أو لا، وإن لم يقضِ على الفور وجب الغرم عليه.


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد قول الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ أي من أفطر بسبب سفر أو بسبب مرض، فبعد انتهاء السفر يقضي عدة ما أفطره من أيام أخر، وبعد شفائه من المرض يقضي عدة ما أفطره من أيام أخر؛ والقضاء أن يصوم عدد ما أفطره متى زال عذره، ولكن يستحب أن يبادر، فإذا انتهى سفره في شوال صام في شوال، وبدأ بما عليه من الأيام التي أفطرها قبل أن يصوم الست من شوال، وهكذا إذا شفي في شوال، فإن لم يقم إلا في ذي القعدة أو لم يشفَ إلا فيه أو في ذي الحجة أو في محرم بادر وصام.
فإذا لم يتيسر له انشغل بشغل مثلا، أو تساهل أو استثقل الصيام والناس مفطرون؛ كما يفعله كثير فلا بد أن يعزم على القضاء متى تيسر له ومتى زال العذر، أو متى قدر بدون مشقة؛ فبهذا يكون قد عزم على أداء تكملة هذه الفريضة التي فرضها الله وأفطرها لهذا العذر.
ثم القضاء هل هو على الفور أو على التراخي؟ الصحيح أنه على التراخي، لكن يتأكد المبادرة ولا يؤخره إلا لعذر مخافة أن يعرض له عارض. الإنسان لا يدري ما يعرض له؛ قد يموت ويعد مفرطا قبل أن يقضي، قد يمرض مرة ثانية، قد يسافر ويستغرق سفره ممدة طويلة ولم يتفرغ للقضاء؛ فيبادر بالقضاء إذا تيسر له وقت.
فهو على هذا يمكن أن يقال: إنه على الفور؛ يعني ساعة ما يزول عذره يبادر، ولكن لو أخره بدون عذر لم يأثم إذا كان عازما على القضاء.
وكذلك هل يلزم التتابع فيه؟ الصحيح أنه لا يلزم، بل يصح ولو متفرقا. إذا كان عليه عشرة أيام فصام من كل أسبوع يوم أو يومين أو ثلاثة متفرقة أو متوالية أجزأه ذلك.